المرض ليس نهاية الحياة بل حياة جديدة
فاطمة فتاة تبلغ من العمر 33 سنة حولت معاناتها إلى أمل وطموح. خلقت لنفسها حياة جديدة ولقب جديد، أخبرتنا : "لقبت نفسي سحايب في منشوراتي على سناب شات تيمناً بالسحب التي تشعرني بالتفاؤل بالأمل بالسعادة وببشائر الخير".
بدأت رحلة فاطمة مع المرض مع بداية شهر 8 عام 1437 هـ بألم شديد في كتفها الايسر، وفي رمضان اختفى الألم ولكن عاد وبشدة في أماكن مختلفة مع فقدان في الشهية وصداع حاد، تصف فاطمة الألم قائلة:" لم أستطع النوم من شدته فاعتدت المسكنات؛ ذهبت إلى مستوصف خاص وكان التشخيص التهاب بالمرارة ووصفوا لي علاج لمدة أسبوع. بعدها أخبروني بزوال ذلك الالتهاب ولكن مازال التعب والألم مستمراً ومتزايداً مع ارتفاع في درجة الحرارة وسعال مستمر". واصلت فاطمة أخذ الأبر المسكنة واستمرت بعمل الفحوصات والتحاليل دون جدوى، إلى أن انهار جسدها في ليلة من الليالي الصعبة على فاطمة حيث ترويها قائلة:" ذهبت لأحد المستشفيات لأخذ إبرة مسكنة وبمجرد دخول الإبرة جسدي فقدت الوعي، كان موقفاً لا يوصف لوجود أمي معي في ذلك الوقت، بعد ان أفقت لم يكن باستطاعتي المشي لمدة أسبوع مع انتفاخ في رقبتي إلى أصابع يدي اليسرى. ذهبت إلى مستشفى آخر أجريت التحاليل والأشعة المطلوبة لكن بلا نتيجة، ازداد التعب اضطررت للذهاب إلى الرقاة لكن تعبت جسديًا وخسرت مادياً لبعد الطريق حيث أسكن في قرية تبعد عن مدينة ابها بما يقارب 150 كيلو؛ ذهبت لعدة رقاة في عدة اماكن في أحد رفيدة وفي الدرب وفي تثليث".
في اواخر شهر رجب 1438 هـ وبعد تقريبا 10 أشهر أدخلت فاطمة الطوارئ لمدة أسبوع وبعدها غرفة العزل لاشتباه اصابتها بالدرن بسبب شدة السعال، تناوب أبواها اللذان لم يتركاها لحظة طوال رحلتها. بعد عمل الأشعة تبين تجمع سوائل في الرئة بكميه كبيرة وبقعه سوداء ويلزم عملية لسحب هذه السوائل وأخذ خزعة وتحويلها لمستشفى آخر لكن لعدم توفر أسرة، اضطر والدها لحجز ثلاث تذاكر للرياض لكن الطبيب لم يسمح لها بالسفر عن طريق الطائرة لخطورة وضعها الصحي حيث تقول فاطمة: "المسافة من خميس مشيط إلى الرياض طويلة جداً، لكن اضطررنا أنا ووالدي للسفر براً مع سوء حالتي، انطلقنا في الرابعة عصراً ووصلنا إلى طوارئ مدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالحرس الوطني الساعة الثانية والنصف صباحاً ومع دخولي للطوارئ وجدت اهتماماً سريعاً؛ وفي الحال بدأت فحوصات الحرارة والضغط والنبض بكل رعاية واهتمام وعلى الفور أدخلت العناية، ورغم ذلك ومن دخولي هذا المستشفى أحسست براحة لا يعلمها إلا الله وكأنني بخير، كان تعامل الكادر الطبي رائع لهم مني خالص الدعوات الطيبة بظهر الغيب والممرضات كن بغاية الطيب والرفق جزاهم الله خير الجزاء".
تكمل فاطمة: " أخبروني بعد الأشعة والتحاليل أنه بالفعل يوجد تجمع لسوائل في الرئة و أنهم سيجرون لي عملية بسيطة جداً وأخذ خزعة للكتلة السوداء، ذهبت لغرفة العمليات لأخذ الخزعة بكل سلاسة وبعدها أخذت قسطاً من الراحة وأجريت عملية الانبوب وبعدها ذهبت لغرفتي كانت الممرضة تطعمني بيديها بكل لطف. بعد تبين النتائج دخل أحد الأطباء للإطمئنان على صحتي وبعدها سألوني ماذا تعرفين عن الغدد اللمفاوية؟ أجبت بأني لأول مره أسمع عنها، بعدها أخبرني أحد الأطباء أن الابتلاء دليل على محبة الله للعبد، ثم أخبرني بنتيجة التشخيص، ورم بالغدد اللمفاوية وقتها حمدت الله وكأنهم يخبرونني بأن لدي زكام وهذا من فضل ربي وليست قوة مني بل سكينة وطمأنينة ورحمة من ربي"
كان تشخيص فاطمة بورم بالغدد اللمفاوية من الدرجة الرابعة ومعها بدأت رحلة العلاج، تصف فاطمة هذه المرحلة:" بعد أول جرعة كيميائي غرقت في نوم عميق لم أنم بتلك الراحة منذ فترة طويلة، بعدها الجرعة الثانية التي كانت بشهر رمضان ثم الجرعة الثالثة وبعدها بأسبوع حلت أيام العيد التي مرت علي وعلى أسرتي وكأننا وسط أحبابنا حيث لازمنا فريق من الخدمة الاجتماعية وأقاموا لنا ولجميع المرضى فعاليات العيد كما لو كنا عائلة واحدة. وبعد ستة جرعات تقرر عمل جلسات بالعلاج الاشعاعي ولله الحمد تمت بكل يسر وسهولة بفضل من الله ثم بفضل الأطباء والاخصائيين من قسم الاشعاعي كانوا بغاية الرقي واللطف، التقيت بالأخصائية الاجتماعية والتي شرحت لي العلاج الاشعاعي وعن حالات كثير تم شفاؤها عن طريق العلاج الإشعاعي وأنه أحد علاجات الأورام".
تحكي فاطمة: " كان لدي طموحات كبيرة لكن في نظري كانت مستحيلة ولكن بفضل الله ثم بفضل الأخصائية الاجتماعية لمستشفى الحرس الوطني تحققت؛ من هواياتي الخياطة ولم أعتقد أني سأمتلك آلة خياطة وأبدأ مشروعي الذي طالما حلمت به. فريق الخدمة الاجتماعية حققوا حلمي وساعدوني لأبدأ المشروع، ونظموا لي رحلة لأداء مناسك العمرة برفقة أمي وأخي كانت من أجمل أوقات حياتي جزاهم الله خير الجزاء بعد كل موعد أجد العلاج والاهتمام والسكن بدار الضيافة اشكرهم كل الشكر على ما يقدمونه لنا من سكن وأمن وجميع سبل الراحة والاستقرار. انا والحمدالله رب العالمين صحتي أفضل بدأت حياة جديدة كلها أمل كبير وتفاؤل أصبح لدي طموحات للمستقبل. كلمتي لكل مريض سواء من مرضى السرطان او غيرهم أن المرض ليس نهاية الحياة وإنما هو حياة جديدة مفعمة بالتفاؤل مليئة بالقرب من الله وحسن الظن، المرض يقربك منه سبحانه المرض هو اكتشاف لقدرة الصبر على الاقدار فلا نجعل الحياة بكل اعاصيرها سواء بمرض او غيره تعصف بنا على صخرة البؤس فلنكن صابرين محتسبين كالجبال شامخين كالنخل نقابل تقلباتها بروح من التفاؤل وبسمة من الامل وبكلمات كالبلسم نجعلها شفاء لنا ولمن معنا فلنعيش حياتنا كالأصحاء ولنستغل دقائقنا وسويعاتنا بالحمد والثناء".
رسالة فاطمة إلى كل محارب للسرطان: " المرض ليس نهاية المطاف بل تحدي جديد عليك ان تكسبه وتشفى منه بالثقة بالله ثم بالصبر والقوة والعزيمة والامل والتفاؤل"
تختم فاطمة قائلة: "أحمد الله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، ثم اشكر والدي ووالدتي على ما قدموه لي ووقفتهم معي ثم اشكر الشؤون الصحية بالحرس الوطني بالرياض فردًا فردًا واشكر الاطباء والمختصين في علاجي اشكر جمعية مكافحة السرطان لتوفير التذاكر والدعم المادي وما يقدمونه من خدمات كما اشكر الخدمة الاجتماعية على ما يقدمونه لنا من خدمات وعلى تعاملهم ولطفهم، كما اشكر دار الضيافة في توفير السكن للمرضى، واشكر كل من وقف معي وساعدني ودعمني ودعا لي، واشكركم على استضافتكم وتكريمي بسماع رحلتي مع المرض ولا املك للجميع الا دعوات بظهر الغيب والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته"
فاطمة (سحايب)
إخلاء مسؤولية: جميع قصص المرضى حقيقة وواقعية كما تم ابلاغنا وتوثيقها من قبلهم، تم توثيق القصص بعد اخذ الموافقة بكامل إرادة وحرية المريض وبناء على سياسات وإجراءات الشؤون الصحية بوزارة الحرس الوطني. للمرضى الحق في إزالتها في أي وقت دون شرط أو قيد.